صرخة جديدة يطلقها المسجد الأقصى لتتيه مع صرخاته التي سبقتها دون أن تجد من يتصدى لسماعها، صرخة ولكن من نوع آخر، فالجرح الذي سببها مختلف عن غيره. فلم يكف إعتداءات الصهاينة المستمرة على المسجد الأقصى المبارك و لا إجراءاتهم التعسفية التي تحول دون وصول المسلمين إلى المسجد الأقصى لأداء الصلاة فيه بل ولا منع الترميمات التي يحتاجها بنيان المسجد المبارك. ولكن المرحلة الجديدة من الحرب هي القضاء على المسجد بالتخلص من العيون الساهرة لحمايته ومن القلوب المخلصة لترابه فبدأوا بمنع المصلين من خارج القدس من الصلاة فيه ومن ثم حرمان بعض المواطنين المقدسيين من دخول المسجد وبعد ذلك منع من هم دون الأربعين من العمر من الصلاة فيه ثم منع الشيخ رائد صلاح شيخ الأقصى والليث الصهور الذي يجدونه دومًا في وجوههم متصديًا لاعتداءاتهم بلا كللٍ ولا ملل فلم يحتمل الصهاينة نغص العيش الذي سببه لهم فحرموه من الصلاة فيه ومن الاقتراب منه وحالوا بينه وبين مسجده الحبيب حتى بات المسجد كاليتيم الذي فقد أباه فصار عرضةً لكل الأخطار دون أن يقدر على ردّها.
وجاءت المرحلة الثانية بطرد حراس المسجد الذين قضوا معظم عمرهم ساهرين لحماية المسجد الأقصى واستبدالهم بآخرين لا يعرفون لذة الوقوف بين يدي الله للصلاة ولا يحسون ببركة المسجد التي ملأت البقاع التي تحيطه!! بل إن فيهم من عرف بالسكر والأخلاق السيئة فصاروا يمثلون خطرًا جديدًا على المسجد بدل أن يكونوا الحصن الذي يصد عنه المخاطر.