تحدى الفنان المصري حسين فهمي أي فنان سوري بمواجهة أي فنان مصري حتى الصغار منهم، مؤكداً أن النتيجة في صالح الفنان المصري الذي يتفوق على جميع نظرائه العرب!، وقد سبقه الفنان محمود ياسين عندما صرح في أحد اللقاءات التلفزيونية أن الممثل المصري في كل الأجيال تفوق على الجميع بما فيهم الفنانين الأجانب!.. وأتصور أن هذا تحد خاسر قبل الدخول فيه، والأهم من الدخول في مراهنة التحدي هو لماذا عدد من الممثلين المصريين خاصة جيل السبيعينات يكررون كثيراً مسألة تفوق الممثل المصري على بقية الممثلين العرب وأنهم مدارس وجامعات إلى آخر هذه الكلمات التي أضحت في الفترة الأخيرة ديدن الوسط الفني المصري خاصة الرجال منهم!.
نشاط الدراما السورية وتميزها جعلها تسحب البساط من تحت كثير من الأعمال العربية وأولها المصرية والشاهد إقبال القنوات على الأعمال السورية بغض النظر عن أسماء الممثلين الموجودة فيها بينما مازال العامل الرئيسي لتسويق العمل المصري هو أسماء الممثلين والتي تسببت في تدهور العمل المصري في السنوات الأخيرة فكثير من الأسماء هي فعلاً كبيرة بخبرتها ومشوارها الفني سواء التلفزيوني أو السينمائي، منهم من انقطع لفترة طويلة لأسباب شخصية ومنهم من فشلت أعمالهم السينمائية وقل نصيبهم فيها فرأوا أن التلفزيون وسيلة فعالة للمحافظة على البقاء وجذب الأنظار والأضواء، هذه الرغبة القوية للبقاء أمام الشاشة طغت على أهمية جودة العمل اتكاء على الماضي متناسين أن العمل الدرامي من أهم عناصره المتعة مع القضية والتجديد في التناول وأن هناك جيل قد لا يعرف شيئاً عن هذا الماضي الذي يستند إليه المخضرمون وأن المشاهد العادي لا يهتم بالماضي بقدر اهتمامه بما يشاهده الآن وأن ما عرض في السابق بجودة لا يعني أن يسمح اليوم بعرض الهابط!.
ولولا المجاملات والمعارف وما تلعبه من دور فعال في هذا المجال كغيره من المجالات لما شاهدنا كثيراً من الأعمال المصرية التي عرضت على الشاشات! وقد يكون مفعول هذه العلاقات انسحب إلى الأعمال الخليجية والسورية ولكن كمشاهدة أظن أن العمل السوري من أقل الأعمال العربية هبوطاً فإن عرض عمل دون المستوى ظهر عملين أو ثلاثة ذات مستوى عال في معظم الجوانب الفنية، كما أن الأعمال السورية لا تتكئ كثيراً على الأسماء فقد تجد في العمل الواحد خليطاً من الأسماء بأجيال مختلفة ولم نسمع عن كوارث الأسماء، من يسبق من، ولا مشاكل الألقاب!.
وهذا التميز والانتشار أسعدنا كجماهير حيث أطلعتنا على قدرات سورية مختلفة وأفكار جديدة ولكن يبدو أن هذه السعادة لم يكن لها نصيب مع أهل الفن المصري والسبب يرجع إلى أنهم لا يتابعون التطور والقفزات التي تعيشها الدراما السورية، رغم أن جودة العمل السوري ليست جديدة فهي قوية منذ زمن بعيد وضعف الإنتاج هو ما يعيقها، علاوة أنه لم يعرف عنها الاقتباس من الأعمال الأخرى لا في السابق ولا في الوقت الحالي واكتفائها بقدراتها والتفنن حول هذه القدرات ومحاولة تطويرها في كل مرة وقد لاحظنا في السنوات الأخيرة عندما أصبحت الأعمال السورية في متناول الجميع بفضل القنوات الفضائية أن النجاح والتميز يقود إلى نجاح آخر وتميز ولم نر دورانهم حول هذا النجاح الذي ينتهي غالباً بالوقوف والغناء على الأطلال بل كثيراً ما سمعت لقاءات مع كبار الفنانيين السوريين كيف يتحدثون عن سعيهم المتواصل للمعرفة والتجديد.
في معظم الأعمال المصرية تبرز مشكلة عدم التخصص فالممثلون مغنون والمغنون ممثلون!! وهذا الوضع ذكرني بحال التلفزيون السعودي إلى سنوات قريبة عندما كان الممثل هو المنتج والمؤلف وأحياناً المخرج وإن بدأت هذه الحالة تنحسر مؤخراً، والغريب أن معظم الفنانين العرب بدأوا يتحسنون ويعترفون أنهم بحاجة لهذا التحسن عدا المصريين الذين دائماً يؤكدون أنهم في القمة ولا نعرف أي قمة يقصدون؟! ولم نكن نحن فقط غير المصريين من نشهد للفن السوري فقد شهد بذلك الصحفي المصري المعروف إبراهيم عيسى في لقاء تلفزيوني عندما انتقد الدراما المصرية وقال بغيظ من الغطرسة الفنية المصرية (ركب أحمد السقا الخيل أسميناه الخيال، الفارس، لم نترك لقباً لم نطلقه عليه، بينما السوريون عندما ركبوا الخيول في الأعمال التاريخية وكانوا خيالين فعلاً لم تصبغ عليهم الهالات والألقاب وأعتبر هذا وضعاً طبيعياً رغم أن أداورهم في ركوب الخيل كانت الأصعب، ذهبنا نصور في المغرب فرجعنا بأعمال باهتة لا قيمة لها ذهب السوريون للمغرب وعادوا بأعمال عظيمة منها مسلسل ملوك الطوائف للمخرج المبدع حاتم علي).
هذا قول واحد من كبار الصحفيين المعترف بهم، وقد قال ابراهيم عيسى هذا الرأي في لقاء يتناول الدراما المصرية والسورية لسببين اولاهما انه كسر قاعدة المصريين وهو انغلاقهم على انفسهم خاصة عن اعمال العالم العربي فلا يعرفون من الدراما الا درامتهم ولا يعرفون من الصحف الا صحافتهم ولا يعرفون من الكتاب الا كتابهم، ومع هذا تجدهم يطلقون الأحكام الصارمة بأنه لا يوجد مبدع في اي مجال سواهم!. والسبب الثاني الذي جعل ابراهيم عيسى يقول هذا القول حبه للدراما المصرية وتحسره على ما آلت اليه مؤخراً ونحن نشاطره هذا الحب ونقاسمه هذه الغيرة على الدراما المصرية التي تدهورت في العشر سنوات الأخيرة بصورة واضحة حتى افضل كتاب الدراما التلفزيونية الذين يعتبرون بمنزلة النجوم أسماؤهم كفيلة ببيع اعمالهم لعدد من القنوات وكفيلة بجذب المشاهد لمتابعتها تدحرجوا مع من تدحرج في هاوية الفن أمثال أسامة انور عكاشة رائد دراما التلفزيون المعاصرة والهبوط الحاد الذي يحتوي اعماله الأخيرة مثل عفاريت السياله!.
وهذا الهبوط جاء نتيجة الثقة الزائدة وأنه لا يوجد في الساحة غير العمل المصري والمشاهد مجبر عليه مما جعل العامل المصري في المجال الفني لا يتحرى اسباب نجاح العمل فهو واثق انه سيسوق انتاجه اياً كان مستواه وعندما ظهر العمل السوري الى السطح والأعمال الخليجية اعطت المشاهد العربي مساحة اكبر للاختيار والتنقل وجاءت هذه الحرية على حساب العمل المصري الذي احتل المراتب الدنيا والأقل مشاهدة وبدل ان يكون هذا الوضع حافزاً لالتفات العاملين في المجال الفني لأنفسهم لمعرفة اماكن الخلل وإصلاحها لاسيما ان لديهم خبرة وكوادر قادرة على تدارك الوضع وتحسينه في وقت قياسي وجهوا جهودهم للانتقاص من الآخرين خاصة من احتلوا الصفوف الأولى وهذا التعدي يثير المشاهد على الفنان المصري فهو شاهد على قدرة الفنان السوري بل وسعيد بوجوده وحريص على متابعته اي ان الرهان ليس في مصلحة الفنان المصري!.